الحرب ولدت منذ فجر الإنسانية، علي الرغم من بدائية الانسان في العصور الأولي ووجود أسلحة شحيحة فقيرة الاداء إلا أن أعداد القتلى كانت تتسلل إلى الملايين، وفي العصور الأولي استمرت الحروب لعقود، إن لم يكن لقرون.
منذ ظهور الأسلحة الآلية الطويلة المدى، أصبح القتل بالجملة أكثر فتكا، فيمكن الآن قتل عدد كبير من الضحايا في غضون سنوات بدلا من قرون، فيبدو أن تقدم البشرية لم يفيدها سوي قليل، باستثناء جعل الحروب دموية وأكثر فعالية، وفي هذا المقال ستتعرف علي أكثر حروب العالم دموية في العصر الحديث .
1- الحرب الكورية (1950-1953) :
عدد القتلى الناتج عن هذه الحرب 1.2 مليون شخص، وقد تكون الحرب الكورية معروفة أكثر من خلال المسلسل التلفزيوني الذي عرض في سبعينات القرن العشرين، والذي أوضح مدى فتك الحرب بشكل عام وأوضح ان الحرب الكورية لم يسبق لها مثيل في الوحشية بالتحديد، وغالبا ما يشار إليها باسم "الحرب المنسية" وذلك لإن الحرب في كوريا لم تحظ باهتمام العالم، ربما لأنها وقعت قريبة جدا بعد الدمار العالمي في الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من هذا، فقد قُتل أكثر من مليون شخص خلال ثلاث سنوات فقط من القتال، حيث كانت الأسلحة النووية جاهزة للمضي قدماً.
2- الحرب الأهلية السودانية الثانية (1983-2005):
عدد القتلى في هذه الحرب وصل من 1 إلى 2 مليون، وكما ترون من الاسم أن هذه ليست هي الحرب الأهلية الأولى التي دمرت السودان، وهي تماماً مثل الأولى كانت طويلة ودموية، وقد كانت هذه الحرب من أطول الحروب الأهلية حيث أنها استمرت ما يقرب من 22 عامًا، وكانت نتيجة ذلك عددًا كبيرًا من القتلى، وبحلول نهاية الحرب، قُتل ما يصل إلى مليوني شخص، معظمهم من المدنيين، بسبب الجوع والجفاف الذي اجتاح البلاد، وفي نهاية الحرب الأهلية السودانية لم يكن القتال هو الذي خلف أكثر من مليون قتيل، بل كانت المجاعة التي رافقته.
3- الحرب في أفغانستان (1978) :
عدد القتلى في هذه الحرب وصل إلى 2 مليون، ومن بين جميع الحروب في هذا المقال هذه هي الحرب الوحيدة التي لم تنتهي أبدا بطريقة رسمية، وفي الحقيقة أنها استمرت لفترة طويلة، ويبدو أنها كانت غير قابلة للحل إلى حد كبير، وحتى إنها لم تثير أي أمل في فضها.
المشكلة مع أفغانستان ليست فقط أنها تحتوي على العديد من الفصائل المتعارضة، ولكنها في التحدي الموجود من قبل عدد كبير من الدول، بما في ذلك القوى الإقليمية، والتي كانت حريصة على التدخل في تسيير الأمة، وهناك أيضا تاريخ من التدخل الإمبراطوري من بريطانيا وروسيا على وجه الخصوص، الأمر الذي أدى إلى حد ما إلى زعزعة استقرار البلاد.
4- الحرب الأهلية النيجيرية / حرب بيافران (1967-1970):
عدد القتلى في هذه الحرب وصل الى 2 مليون، الحرب الأهلية النيجيرية (أو حرب بيافرا) هي مثال كلاسيكي على الإرث الذي خلفه المستعمرون الأوروبيون في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في أفريقيا، ففي ذلك الوقت كانت أفريقيا مقسمة بين الإمبراطوريات الأوروبية المختلفة بطريقة تناسبهم، وتم رسم الخطوط على الخريطة دون اعتبار للأشخاص الذين يعيشون هناك.
لسوء الحظ، غالباً ما تخترق هذه الحدود المفروضة المجتمعات العرقية والقبلية والدينية القائمة منذ أمد طويل، مما يجبر القبائل المتصارعة على التعاون، وكان القتال شرسًا في بعض الأحيان، حيث كان الجانبان في حالة هجوم، وتم ارتكاب فظائع على كلا الجانبين وربما كان أكبرها في نهاية الحرب، فمن أجل إجبار شعب البيافرا على الاستسلام، تمكن البريطانيين من محاصرتهم حصار شامل، مما أدى إلى كارثة إنسانية مع مجاعة اجتاحت المنطقة المحاصرة، وبحلول نهاية الحرب في عام 1970، تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 2 مليون شخص، نصفهم من الأطفال، قد ماتوا بسبب الجوع.
5- حرب فيتنام (1961-1973):
عدد القتلى في هذه الحرب وصل إلى 3.8 مليون، وتم تغطية هذه الحرب من قبل عدد لا بأس به من الأفلام، والتي تطرق عدد قليل منها إلى واقع حرب فيتنام المرير وقد تم إنتاج العديد من الأفلام التي تتحدث عن الحرب العالمية الثانية، وفي الحروب السابقة كانت الأمور واضحة، فتدخل الأخيار في هذه الحرب لإنقاذ العالم من أي شر ولكن لم يكن هذا هو الحال مع حرب فيتنام، ففي الواقع لم يكن من الواضح حتى بالنسبة للعديد من الأميركيين لماذا أجبروا على محاربة عدو مجهول على بعد آلاف الأميال من منزلهم وماذا كان الهدف من هذه الحرب الدموية التي نتج عنها الكثير من الضحايا.
6- حرب الكونغو الثانية (1998-2003) :
عدد القتلى في هذه الحرب وصل إلى 5.4 مليون، ومن اسمها نستوضح أنه كان هناك حرب كونغو أولى، نعم قد كان هناك في الواقع بالكاد سنة بين الحربين وبعض الخبراء لا يعتبرونها منفصلة على الإطلاق، والذي يفصل بينهم هو نسبة الضحايا التي زادت كثيرا مع حرب الكونغو الثانية والتي فاقت الأولي من حيث إراقة الدماء، وعلى الرغم من أنه يشار إليها في معظم الأحيان اسم حرب الكونغو، إلا ان هذا الصراع يُشار إليه أحيانًا باسم "الحرب العالمية الإفريقية"، فقد كانت هناك تسع دول أفريقية تقاتل في الحرب وكان يدخل إليها أي عدد من الجماعات المسلحة.
تعتبر الأسباب الدقيقة للحرب معقدة وترتبط بالابتكارات العرقية في رواندا، وقد وقعت العديد من الفظائع أثناء هذا الصراع، ولم يتم الاتفاق على إجمالي حصيلة القتلى في الحرب في الكونغو، وبغض النظر عن الأرقام الدقيقة، فمن المحتمل أن تكون حرب الكونغو قد أدت إلى وفيات أكثر من أي صراع آخر منذ الحرب العالمية الثانية.
7- الحرب الأهلية الروسية (1917-1922) :
عدد القتلى في هذه الحرب وصل من 6 الى 9 مليون شخص، وبينما كانت بقية أوروبا مشغولة بقتل بعضها البعض في السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، لجأ الروس إلى قتل بعضهم البعض في أكثر حرب أهلية دموية في أوروبا، وكانت الحرب إلى حد ما نتيجة ثانوية للحرب العالمية الأولى، وكانت هذه كارثة لروسيا سواء من حيث إراقة الدماء أو من الناحية الاقتصادية، مما أدي الي تدهور الأمور لجميع العائلة المالكة الحاكمة.
في عام 1917 حدثت ثورة غير دموية نسبيا أدت إلى خلع القيصر نيقولا الثاني وتعيين حكومة مؤقتة ولسوء الحظ ان هذه كانت البداية فقط، وبدأت الحرب الاهلية الروسية بين جانبين وهم "البيض" الموالين للنظام الملكي والجيوش، والجيوش "الحمراء" وهم الشيوعيين، وبحلول نهاية الحرب الأهلية الروسية، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 1.5 مليون مقاتل قد لقوا حتفهم، ولكن كما هو الحال دائماً، كان عدد القتلى المدنيين أعلى بكثير حيث مات ما يقرب من 8 ملايين شخص إما بسبب الحرب أو من المجاعة والمرض الذي أعقب ذلك.
8- الحرب الأهلية الصينية (1927-1949) :
عدد القتلى في هذه الحرب وصل من 8 إلى 12 مليون شخص، وفي الحقيقة أن البلاد التي كان بها أكبر عدد من السكان تعاني من أكثر الحروب الأهلية فتكا، مما جعلها أيضا حربا أطول من بقية الحروب الموجودة على هذه القائمة، فقد استمر القتال فيها حوالي 15 عاما، ومع ذلك كان هناك انقطاع لمدة عشر سنوات بين عامي 1936 و 1945، وكان ذلك بسبب أن اليابانيين غزوا مساحات شاسعة من الصين ولم يكن هناك أي توقف في معاناة السكان الصينيين.
كان السبب وراء هذه الحرب الأهلية هو انهيار أسرة تشينغ في عام 1911، الذي جعل الصين مجزأة إلى حد ما، وخلق شيئاً من فراغ السلطة، وبعد انتهاء الحرب، ببطء وثبات استعاد الشيوعيون البلاد وأخيرا بكين وأقاموا جمهورية الصين الشعبية.
9- الحرب العالمية الأولى (1914-1918) :
عدد القتلى في هذه الحرب وصل من 10 إلى 21 مليون وهي الحرب التي قامت بإنهاء جميع الحروب او هذا ما أطلقوا عليها، ولكن ولسوء الحظ، أثبت هذا الاقتباس الشهير من الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون أنه متفائل للغاية فلم يكن يعلم بالخسائر الهائلة التي تكبدها كلا الجانبين في هذه الحرب وما سوف يتعقبها.
من البداية نشبت الحرب العالمية الأولى بسبب اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند من النمسا على يد أناركي صربي، ويبدو الأمر مجنونا أن الحرب التي كلفت ملايين الأرواح كانت بسبب مثل هذا الحدث الغامض، وفي هذا الوقت انقسمت القوى الأوروبية الكبرى إلى اتفاقيتين التي تألفت من بريطانيا وفرنسا وأيرلندا وروسيا والقوى المركزية وهي ألمانيا والنمسا والمجر وبلغاريا وتركيا، واشتملت الحرب العالمية الأولى على نوع جديد من الحرب يشمل أسلحة وآلات قوية، فقد تم استخدام المدفعية الثقيلة والدبابات على طول الخطوط الأمامية، وقاموا باستخدام الأسلحة الكيميائية الأولى.
بحلول نهاية الحرب، تعرضت القوى المركزية للضرب حتى وصلت إلى ما يصل إلى 21 مليون شخص، وعندما أتى وقت السلام ثبت أن هناك كارثة أسوأ كانت على وشك أن تصيب العالم، وهو وباء الأنفلونزا الأسباني الذي انتشر عام 1918 وهو من أكثر الأمراض فتكا في التاريخ، وكان انتشاره وتطوره مرتبطا بالحرب إلى حد كبير، ويعتقد أن زيادة الحركة وسوء الظروف التي أوجدتها الحرب كانت من العوامل الرئيسية لانتشاره.
10- الحرب العالمية الثانية (1939-1945) :
عدد القتلى في هذه الحرب وصل من 16 إلى 85 مليون شخص، واشتملت هذه الحرب على كل جزء من العالم تقريبًا خلال الأعوام 1939-1945، وكان محور القوى العظمى في هذه الحرب هم ألمانيا، إيطاليا، واليابان، وفرنسا، وبريطانيا العظمى، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي، وإلى حد الصين أيضا.
اشتعلت هذه الحرب بعد توقف دام 20 عامًا، وهي نتيجة للكثير من الخلافات التي تركتها الحرب العالمية الأولى، وفي الواقع أن الوفيات التي تكبدتها الحرب العالمية الثانية تجعلها من أكثر الصراعات دموية، فضلاً عن كونها أكبر حرب في التاريخ، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، تشير التقديرات إلى أن حوالي 3.5 ٪ من سكان العالم بأسره قد لقوا حتفهم ، فهناك في حدود 80 مليون رجل وامرأة وطفل ماتوا إثر هذه الحرب الدموية.