شغلت الملكة إليزابيث الثانية منذ عام 1952 منصب العاهل الحاكم للمملكة المتحدة (إنجلترا وويلز واسكتلندا وأيرلندا الشمالية) والعديد من العوالم والأقاليم الأخرى، فضلا عن رئاسة الكومنولث وهي مجموعة من 53 دولة ذات سيادة تضم العديد من البريطانيين السابقين، وتحظى الملكة إليزابيث الثانية بشعبية كبيرة طوال فترة حكمها الطويلة تقريبا.
وهي معروفة باهتمامها الجاد بالحكومة والشؤون السياسية بصرف النظر عن واجباتها الإحتفالية وينسب إليها تحديث العديد من جوانب النظام الملكي، وفي سبتمبر 2015 تجاوزت الملكة إليزابيث الثانية الرقم القياسي البالغ 63 عاما و216 يوما على العرش الذي حددته الملكة فيكتوريا (جدتها الكبرى) لتصبح أطول ملك بريطاني في التاريخ، وفي فبراير 2022 احتفلت الملكة إليزابيث الثانية بيوبيلها البلاتيني بمناسبة سبعة عقود من خدمتها للكومنولث.
طفولة وتعليم الأميرة:
عندما ولدت إليزابيث ألكسندرا ماري الإبنة الكبرى للأمير ألبرت دوق يورك وزوجته السيدة إليزابيث باوز ليون في 21 أبريل 1926، كان من الواضح أنها لم يكن لديها فرصة كبيرة لتولي العرش حيث كان والدها أصغر سنا ابن الملك جورج الخامس، ولكن في أواخر عام 1936 تنازل عمها الملك إدوارد الثامن عن العرش للزواج من مطلقة أمريكية واليس سيمبسون، ونتيجة لذلك أصبح والدها الملك جورج السادس وأصبحت ليليبت البالغة من العمر 10 سنوات (كما كانت تعرف داخل الأسرة) الوريث المفترض للعرش.
على الرغم من أنها أمضت الكثير من طفولتها مع المربيات إلا أنها تأثرت بشكل كبير بوالدتها التي غرست فيها إيمانا مسيحيا متدينا بالإضافة إلى فهمها الشديد لمتطلبات الحياة الملكية، كما قامت جدتها الملكة ماري قرينة الملك جورج الخامس بإرشاد إليزابيث وشقيقتها الصغرى مارغريت في أدق النقاط في آداب السلوك الملكي، وتلقت الأميرة تعليمها من قبل مدرسين خاصين، مع التركيز على التاريخ والقانون البريطاني كما درست الموسيقى وتعلمت التحدث بالفرنسية بطلاقة، وتدربت كمرشدة (المعادل البريطاني لفتيات الكشافة) وطورت شغفا مدى الحياة بالخيول، وبصفتها ملكة فقد احتفظت بالعديد من خيول السباق الأصيلة وكثيرا ما حضرت سباقات وأحداث التكاثر.
الأمير فيليب والملكة الملكة إليزابيث الثانية:
أمضت الملكة إليزابيث الثانية ومارجريت الكثير من الحرب العالمية الثانية يعيشون بعيدا عن والديهم في رويال لودج في قلعة ويندسور وهي قلعة من القرون الوسطى خارج لندن، وفي عام 1942 جعل الملك إليزابيث عقيدا فخريا في 500 حرس غرينادين وهو فوج بالجيش الملكي، وبعد ذلك بعامين عينها كعضو في مجلس الملكة الخاص ومجلس الدولة مما مكنها من التصرف نيابة عنه عندما كان خارج البلاد في عام 1947.
وبعد فترة وجيزة من عودة العائلة المالكة من زيارة رسمية إلى جنوب إفريقيا وروديسيا أعلنوا خطوبة الملكة إليزابيث الثانية على الأمير فيليب من اليونان وابن عمها الثالث (كلاهما كانا من أحفاد أحفاد الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت) وملازما في البحرية الملكية، وكانت قد وضعت نصب عينيها عليه عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها فقط، وتطورت علاقتهما من خلال الزيارات والمراسلات خلال الحرب.
على الرغم من أن الكثيرين في الدائرة الملكية نظروا إلى فيليب على أنه مباراة غير حكيمة بسبب افتقاره المال والدم الأجنبي (الألماني)، كانت الملكة إليزابيث الثانية مصممة ومحبوبة للغاية، وتزوجت هي وفيليب في 20 نوفمبر 1947 في وستمنستر آبي، وولد ابنهما الأول تشارلز (أمير ويلز) عام 1948، والإبنة آن (الأميرة الملكية) وصلت بعد ذلك بعامين، وتزوجت الملكة إليزابيث الثانية وفيليب لمدة 73 عاما حتى توفي الأمير في أبريل 2021 عن عمر يناهز 99 عاما.
تتويج الملكة إليزابيث الثانية:
مع تدهور صحة والدها في عام 1951 تدخلت الملكة إليزابيث الثانية في وظائف حكومية مختلفة، وبعد قضاء عيد الميلاد مع العائلة المالكة غادرت إليزابيث وفيليب في جولة في أستراليا ونيوزيلندا وتوقفوا في كينيا في الطريق، كانوا في كينيا في 6 فبراير 1952 عندما توفي الملك جورج السادس بسرطان الرئة عن عمر يناهز 56 عاما، وأصبحت ابنته البالغة من العمر 25 عاما سادس امرأة في التاريخ تتولى العرش البريطاني، وتم تتويجها الرسمي باسم الملكة إليزابيث الثانية في 2 يونيو 1953 في وستمنستر آبي.
في العقد الأول من حكمها استقرت الملكة إليزابيث الثانية على دورها كملكة وطورت علاقة وثيقة مع رئيس الوزراء ونستون تشرشل (أول رئيس وزراء من بين 13 رئيس وزراء كانت ستعمل معهم خلال فترة حكمها)، وتجاوزت كارثة الشؤون الخارجية في أزمة السويس عام 1956 وقام بالعديد من الرحلات الحكومية إلى الخارج، وردا على الإنتقادات الموجهة في الصحافة تبنت الملكة إليزابيث الثانية خطوات لتحديث صورتها وصورة النظام الملكي بما في ذلك بثها التلفزيوني السنوي لعيد الميلاد لأول مرة في عام 1957.
رزقت الملكة إليزابيث الثانية وفيليب بطفلين آخرين، أندرو (مواليد 1960) وإدوارد (مواليد 1964)، وفي عام 1968 تم تعيين تشارلز رسميا كأمير لويلز إيذانا بقدوم سن الرشد وبداية ما يمكن أن يكون فترة طويلة كأمير لويلز، كان اليوبيل الفضي للملكة إليزابيث الثانية في عام 1977 بمناسبة مرور 25 عاما على توليها العرش بمثابة نقطة مضيئة في عصر الصراعات الإقتصادية، لطالما كانت مسافرة نشطة حافظت على جدول زمني صعب للإحتفال بهذه المناسبة، حيث سافرت حوالي 56000 ميل حول الكومنولث بما في ذلك الدول الجزرية وفيجي وتونغا ونيوزيلندا وأستراليا وبابوا غينيا الجديدة وجزر الهند الغربية البريطانية وكندا.
فضائح ملكية:
في عام 1981 كانت كل الأنظار على العائلة المالكة مرة أخرى عندما تزوج الأمير تشارلز من السيدة ديانا سبنسر في كاتدرائية القديس بولس في لندن، على الرغم من أن الزوجين سرعان ما رحبوا بولدين ويليام وهاري، إلا أن زواجهما سرعان ما انفجر مما تسبب في إحراج عام كبير للملكة والعائلة المالكة بأكملها، وفي عام 1992 احتفلت الملكة إليزابيث الثانية بمرور 40 عاما على العرش وانفصل كل من تشارلز وديانا والأمير أندرو وزوجته سارة فيرجسون، بينما انفصلت الأميرة آن وزوجها مارك فيليبس.
صافي أملاك الملكة إليزابيث الثانية:
اندلع حريق أيضا في قلعة وندسور في نفس العام ووسط غضب عام على استخدام الأموال الحكومية لترميم المقر الملكي، ووافقت الملكة إليزابيث الثانية على دفع ضرائب على دخلها الخاص، ولم يكن هذا مطلوبا بموجب القانون البريطاني على الرغم من أن بعض الملوك السابقين فعلوا ذلك أيضا، وفي ذلك الوقت قدرت ثروتها الشخصية بـ 11،7 مليار دولار.
وفي إجراء تحديث آخر وافقت أيضا على فتح غرف الولاية في قصر باكنغهام للجمهور مقابل رسوم دخول عندما لا تكون مقيمة، وبعد طلاق تشارلز وديانا في عام 1996، ظلت ديانا تحظى بشعبية لا تصدق لدى الجمهور البريطاني (والعالمي)، وأدت وفاتها المأساوية في العام التالي إلى اندلاع موجة هائلة من الصدمة والحزن، فضلا عن الغضب من العائلة المالكة لما اعتبره الجمهور معاملة سيئة لأميرة الشعب.