بعد 5000 عام، بدأ العلماء في فتح واحدة من أعظم الألغاز المحيطة بمنطقة ستونهنج، وتتبع الجيولوجيون منذ زمن بعيد عشرات من "بلورات" النصب التذكاري الأصغر في العصر الحجري الحديث إلى تلال بريسلي في غرب ويلز، على بعد حوالي 180 ميلًا من ستونهنج نفسها، والآن، ذهبت دراسة جديدة إلى أبعد من أي وقت مضى، حيث كشفت عن الموقع الدقيق لاثنين من محاجر البلستين، وكذلك متى وكيف تم إزالة هذه الحجارة.
يبدو أن الألواح الضخمة من الحجر الرملي، أو السرسنس، المستخدمة في بناء ستونهنج على سهل سالزبوري بجنوب إنجلترا، من المحتمل أن تكون قد جاءت من المحاجر القريبة، أو ربما كانت مبعثرة على الأرض عندما بدأت أعمال البناء، لكن أصل 80 بلوستون من النصب التذكاري (ما زال حوالي 40 منها حتى اليوم) كان من الصعب حلها، وفي حين أن العالم الجيولوجي هربرت هنري توماس تتبع في البداية العشرات من "بلورات" ستونهنج الأصغر حجماً إلى بريسلي هيلز في عام 1923، قام فريق من العلماء في الآونة الأخيرة بتحديد مصدرها إلى نتوء صخري مختلف عما حدده توماس أصلاً.
علماء جامعة كلية لندن :
تعتمد الدراسة الجديدة، على ثماني سنوات من الحفريات التي قام بها فريق من علماء الآثار والجيولوجيين في هذا النتوء، ووجدوا أن ما لا يقل عن خمسة من بلورات ستونهنج المرقطة والتي سميت بالبقع البيضاء تظهر في الصخور الزرقاء البركانية وجدت في ستونهنج.
ولعل الأهم من ذلك هو أن الباحثين تمكنوا من تاريخ استخراج الأحجار في النتوئين حتى عام 3000 قبل الميلاد، بعد اكتشاف قطع من الفحم في تلك السن في كلا الموقعين وهم يعتقدون الآن أن ستونهنج بدأت كدائرة من أعمدة الحجر الأزرق الخام في حفر معروفة باسم "ثقوب أوبري"، بينما أضيفت السارين بعد حوالي 500 عام.
وقال مايك باركر بيرسون من جامعة لندن، "الأمر المثير حقًا في هذه الإكتشافات هو أنها تقربنا من إطلاق العنان لأكبر لغز لستونهنج، ولماذا جاءت أحجاره من بعيد جدًا"، فقد جلبت من لا يزيد عن 10 أميال، ووفقًا لبيرسون وزملاؤه، فإن نتوءات البلستين تشكلت بشكل طبيعي علي شكل أعمدة رأسية وهذا يعني أن عمال مقلع العصر الحجري الحديث كان من الممكن أن يفصلوا هذه الأعمدة عن الوجه الصخري بسهولة نسبية، عن طريق دفع الأوتاد إلى الوصلات الرأسية الجاهزة بينهما، وكان هذا يتطلب بذل جهد أقل بكثير مما كان مطلوبًا في المحاجر الحجرية المصرية القديمة، حيث كان على العمال نحت المسلات من الصخور الصلبة.
ويقول الباحثون إن الحجارة التي يبلغ وزنها طنين قد تم إنزالها على زلاجات خشبية وتم سحب أو حمل ما يقرب من 200 ميل إلى موقعها الحالي في سهل سالزبوري، وتضيف الدراسة إلى مجموعة الأدلة المتزايدة المناهضة لنظرية أن الأحجار قد تم نقلها عن طريق البحر إلى أسفل ساحل ويلز، والتي أصبحت شائعة بعد أن اقترح توماس لأول مرة أصلها البعيد في عشرينيات القرن العشرين.
وأشارت كيت ويليام، المؤلفة المشاركة في الدراسة، إلى أن "بعض الناس يعتقدون أن أحجار البلور الأزرق قد أُخذت جنوبًا ووضعتها على طوافات أو متدحرجة بين القوارب ثم جُمدت في قناة بريستول وعلى طول طريق بريستول آفون باتجاه سالزبوري بلين"، لكن هذه المحاجر تقع على الجانب الشمالي من تلال بريسلي.
ومع ذلك، مازال من غير الواضح لماذا اختار بناة ستونهنج ما قبل التاريخ مثل هذه الأحجار الغريبة لبناء نصبهم الضخم، وفي الواقع، جادلت مجموعة أخرى من العلماء في مجلة الآثار في ويلز بأن الأدلة على عمليات المحاجر في تلال بريسلي غير موجودة، وأن الأحجار والصخور كانت أكثر احتمالًا في نقلها عبر حركة جليدية بدلاً من تصرفات بشرية.
ووفقًا لما قاله باركر بيرسون هو وفريقه بعد الإنتهاء من تحقيقاتهم، "نحن نتطلع الآن إلى معرفة ما كان مميزًا جدًا حول تلال بريسلي قبل 5000 عام، وما إذا كانت هناك دوائر حجرية مهمة، تم بناؤها قبل أن يتم نقل بلوستون إلى ستونهنج".