يرجى تدوير جهازك إلى الوضع الرأسي
nav icon

تاريخ واحداث حرب البوير في جنوب افريقيا

، اندلعت حرب البوير الثانية في الفترة من من 11 اكتوبر 1899 حتى 31 مايو 1902 ، المعروفة ايضا باسم الحرب في جنوب افريقيا وحرب البوير اندلعت في جنوب افريقيا بين البريطانيين والبوير (المستوطنين الهولنديين في جنوب افريقيا) ، وقد تأسست البوير في جمهوريتين في جنوب افريقيا المستقلة وهم دولة اورانج الحرة وجمهورية جنوب افريقيا، وكان لها تاريخ طويل من عدم الثقة والكراهية للبريطانيين التي تحيط بها .

 

وبعد اكتشاف الذهب في جمهورية جنوب افريقيا في عام 1886، اراد البريطانيون هذه المنطقة تحت سيطرتهم مما تسبب في اندلاع هذه الحرب ، ففي عام 1899، تطور الصراع بين البريطانيين والبوير الى حرب كاملة والتي اندلعت في ثلاث مراحل وهي هجوم بوير ضد مراكز القيادة البريطانية وخطوط السكك الحديدية، وهجوما مضادا بريطاني وضع الجمهوريتين تحت السيطرة البريطانية، وحركة مقاومة من بوير من حرب العصابات التي دفعت الى حرق الكثير من الاراضي على نطاق واسع من قبل البريطانيين مما ادي الى اعتقال ومقتل الآلاف من مدنيين بوير في معسكرات الاعتقال البريطاني .

 

اعطت المرحلة الاولى من حرب البوير اليد العليا على القوات البريطانية، ولكن في المرحلتين النهائيتين جاء انتصار البريطانيين في نهاية المطاف ، وكانت اراضي بوير المستقلة سابقا تحت السيطرة البريطانية مما ادي الى التوحيد الكامل لجنوب افريقيا باعتبارها مستعمرة بريطانية في عام 1910 .

 

من هم البوير ؟
في عام 1652، شركة الهند الشرقية الهولندية انشأت اول مشاركة تدريجية في رأس الرجاء الصالح وهو الطرف الجنوبي من افريقيا ، وكان هذا المكان مخصص للسفن حيث يمكنهم ان يستريحوا ويأكلوا فيه وذلك لانهم كانوا في رحلة طويلة الى اسواق التوابل الغريبة على طول الساحل الغربي للهند .

تاريخ واحداث حرب البوير في جنوب افريقيا

حرب البوير

وجذبت هذه نقطة انطلاق المستوطنين الاوروبين الذين حياتهم في القارة اصبحت لا تطاق بسبب الصعوبات الاقتصادية والاضطهاد الديني ، وفي مطلع القرن ال 18 ، كانت كيب موطنا للمستوطنين من المانيا وفرنسا، وكان الهولنديون الذين كانوا يشكلون غالبية السكان المستوطنين معروفين باسم "البوير"  ، وهي الكلمة الهولندية للمزارعين .

 

ومع مرور الوقت، بدأ عدد من جماعة البوير الهجرة الى المناطق النائية حيث اعتقدوا انه سيكون لديهم المزيد من الحكم الذاتي لتسيير شئون حياتهم اليومية دون لوائح ثقيلة مفروضة عليهم من قبل شركة الهند الشرقية الهولندية .

 

نقل البريطانيين الى جنوب افريقيا :
رأت بريطانيا ان رأس الرجاء الصالح هي نقطة انطلاق ممتازة للطريق الى مستعمراتها في استراليا والهند وارادوا السيطرة على كيب تاون من شركة الهند الشرقية الهولندية، والتي كانت بشكل فعال مفلسة ، وفي عام 1814 سلمت هولندا رسميا كمستعمرة ضمن الامبراطورية البريطانية .

 

وعلى الفور بدأ البريطانيون حملة "انكلز" وهي جعل اللغة الانجليزية هي اللغة الرسمية، بدلا من الهولندية، وشجعوا رسميا هجرة المستوطنين من بريطانيا العظمى ، واصبحت مسألة الرق نقطة اخرى للخلاف ، حيث ان بريطانيا ألغت رسميا ممارسة الرق في عام 1834 في جميع انحاء امبراطوريتهم، مما يعني ان المستوطنين الهولنديين كان عليهم ايضا التخلي عن ملكيتهم للعبيد السود .

 

بوير المستقلة :
التوتر بين بريطانيا العظمى والمستوطنين الهولنديين في جنوب افريقيا دفع في نهاية المطاف العديد من البوير الى نقل عائلاتهم الى مزيد من المناطق الداخلية البعيدة في جنوب افريقيا حيث يمكن للبريطانيين اقامة دولة مستقلة ، وجاءت هذه الهجرة من كيب تاون الى المناطق النائية في جنوب افريقيا من عام 1835 الى 1840 ، اما عن المستوطنين الهولنديين الذين بقوا في كيب تاون، في ظل الحكم البريطاني، اصبحوا يعرفون باسم الافارقة ، وبدأ البوير المهاجرين احتضان شعور جديد وهو القومية وسعوا الى اثبات وجودهم كدولة مستقلة .

 

وقبل عام 1852، تم التوصل الى تسوية بين البوير والامبراطورية البريطانية وهي منح السيادة للبوير الذين كانوا قد استقروا في ما وراء نهر فال في شمال شرق البلاد، وجلبت هذه التسوية في عام 1852 مستوطنة اخرى، وصلت في عام 1854، وتم انشاء اثنين من جمهوريات بوير المستقلة الترانسفال واورانج فري ستيت .

تاريخ واحداث حرب البوير في جنوب افريقيا

حرب البوير

حرب البوير الاولى :
على الرغم من ان الحكم الذاتي للبوير ، الا انه استمرت علاقتهما مع البريطانيين متوترة، وكانت جمهوريات بوير الاثنتين غير مستقرتين ماليا وكانوا يعتمدون بشكل كبير على المساعدة البريطانية ، وهناك العديد من التحركات التي اغضبت المستوطنين الهولنديين في جميع انحاء جنوب افريقيا ، وفي عام 1880، كانت اول مرة يهزم البريطانيين عدوهم المشترك الزولو، مما ساعد البوير في النهاية على التمرد وحمل السلاح ضد البريطانيين بهدف استصلاح الترانسفال ، وكانت هذه الازمة هي حرب البوير الاولى .

 

استمرت حرب البوير الاولى فقط اشهر قليلة، من ديسمبر 1880 حتى مارس 1881 ، وفي الاسابيع الاولى من الحرب، هاجمت مجموعة مكونة من اقل من 160 ميليشيات بوير فوج بريطاني، مما اسفر عن مقتل 200 جنديا بريطانيا في 15 دقيقة، و في اواخر فبراير 1881، خسر البريطانيون مجموعة مكونة من 280 جنديا في حين قيل ان البوير قد خسروا فقط ضحية واحدة .

 

اعطى رئيس الوزراء البريطاني الحكم الذاتي للترانسفال تحت السيطرة البريطانية وفي عام 1884، رئيس الترانسفال بول كروجر قام باعادة التفاوض بنجاح على الاتفاق الاصلي ، وقام باسقاط رسميا كون الترانسفال مستعمرة بريطانية ، وبالفعل اعيد تسمية الترانسفال رسميا بجمهورية جنوب افريقيا .

 

التوتر بين البوير والبريطانيين :
تم اكتشاف ما يقرب من 17000 ميل مربع من حقول الذهب في يتواترسراند في عام 1886، وهذا من شأنه ان جعل منطقة ترانسفال وجهة رئيسية للمنقبين عن الذهب من جميع انحاء العالم ، مما خلق بعض التوتر بين البوير والمنقبين الاجانب ، مما دفع كروجر في نهاية المطاف الى اعتماد القوانين القاسية التي من شأنها ان تحد من الحريات العامة لهؤلاء المنقبين ، وتسعى الى حماية الثقافة الهولندية في المنطقة ، فعمل على الحد من فرص الحصول على التعليم والصحافة لهؤلاء الاجانب ، وجعل اللغة الهولندية هي اللغة الرسمية ، وفي الواقع ان هذه السياسات ادت الى المزيد من تآكل العلاقات بين بريطانيا العظمى والبوير وجعلت بريطانيا العظمى اكثر تصميما على تأمين مصالحها الافريقية وتقديم البوير كفريسة .

 

وسياسات كروجر القاسية ادت الى غضب الامبراطورية تجاه جمهورية ترانسفال خلال السنوات الاخيرة من 1890 ، وفي انتخابات بول كروجر لولاية رابعة كرئيس لجمهورية جنوب افريقيا في عام 1898، اقنعوا اخيرا سياسيين كيب تاون ان الطريقة الوحيدة للتعامل مع البوير ستكون من خلال استخدام القوة .

 

حرب البوير الثانية تبدأ :
تألف البوير من ميليشيات سميت بالقوات الخاصة ، حيث انهم قاموا باستدعاء اي مواطن يتراوح عمره ما بين 16 الى 60 عاما وكثيرا منهم جلبوا كل بنادقهم الخاصة وخيولهم ، وكانت هذه القوات الخاصة تتكون من قطاعات ممتازة وفرسان اقوياء فكان عليهم ان يتعلموا الكثير من اجل البقاء في بيئة معادية جدا في سن مبكر .

ومن ناحية اخرى، كان البريطانين غير مستعدين تماما لحرب واسعة النطاق ، وكانوا يفكرون ان هذا مجرد شجار والذي من شأنه ان يحل قريبا، فكان يفتقر البريطانيين الى الاحتياطيات في الذخائر والمعدات ، بالاضافة الى ذلك، لم يكن لديهم خرائط عسكرية مناسبة متاحة للاستخدام .

 

وقام البوير بالاستفادة من سوء استعداد بريطانيا وتحركوا بسرعة في الايام الاولى من الحرب ، وانتشرت القوات الخاصة في عدة اتجاهات من الترانسفال واورانج فري ستيت، وحاصروا ثلاثة من السكك الحديدية بهدف عرقلة نقل التعزيزات البريطانية والمعدات من الساحل ،
وفاز البوير في عدة معارك كبرى خلال الاشهر الاولى من الحرب ، وعلى الرغم من ان الهجوم الاولي للبوير كان ناجحا، الا ان البوير لم يستطيعوا قط احتلال اي من الاراضي التي تسيطر عليها بريطانيا في جنوب افريقيا ، فركزوا بدلا من ذلك على محاصرة خطوط الامداد، وضمان ان البريطانيين ينقصون ويكونوا غير منظمين لاطلاق اي هجوم من جانبهم .

 

المرحلة الثانية من حرب البوير ، عودة البريطانيين :
في يناير من عام 1900، على الرغم من العديد من انتصارات البوير على البريطانين ، الا ان البوير بدأوا في الانخفاض في الامدادات والشعور بالضجر ، ووقتها قررت الحكومة البريطانية ان الوقت قد حان لتكون لها اليد العليا وارسلت فرقتين قوات الى جنوب افريقيا، والتي شملت متطوعين من المستعمرات مثل استراليا ونيوزيلندا، وهذا يعادل تقريبا 180،000 من الرجال مما جعلهم اكبر جيش قد تم ارساله من اي وقت مضى في الخارج ، ومع هذه التعزيزات، كان التفاوت بين اعدادهم ضخم ، فكانوا 500،000 من الجنود البريطانيين امام 88000 فقط من البوير .

 

وفي اواخر فبراير، تمكنت القوات البريطانية من حصار البوير لمدة عشرة ايام وهزيمتهم ، ووقعت سلسلة من الهزائم للبوير مما ادي الى انخفاض معنوياتهم وبدأت مقاومتهم في الانهيار ، وبحلول مارس عام 1900، كانت القوات البريطانية بقيادة اللورد فريدريك روبرتس احتلت بلومفونتين (عاصمة دولة اورانج الحرة) وجوهانسبرج وهي عاصمة جمهورية جنوب افريقيا، وبريتوريا .

 

المرحلة الثالثة من حرب البوير وهي حرب العصابات :
حرب العصابات التي اطلقها مواطنون المقاومة وبقيادة الجنرالات كريستيان دي ويت و جاكوبوس هركيوليز دي لا ري ، وكان هدفها الضغط على القوات البريطانية في جميع انحاء اراضي البوير ، فكانت القوات الخاصة للمتمردين يضربون بلا هوادة خطوط الاتصالات البريطانية وقواعد الجيش بهجمات سريعة ومفاجئة في كثير من الاحيان واغلبها في الليل ، وكانت هذه القوات الخاصة لديها القدرة على التكوين في اي لحظة، واجراء الهجوم والاختفاء في ثوان كما لم يحدث اي شئ .

 

وكان الرد البريطاني على حرب العصابات هذه هي ثلاثة اضعاف ، فقاموا بعمل الاسلاك الشائكة والحصون على طول خطوط السكك الحديدية للحفاظ على البوير في الخليج، وعندما فشل هذا التكتيك، قررت بريطانيا تبني سياسة "الارض المحروقة" والتي تسعى بشكل منهجي الى تدمير الامدادات الغذائية وحرمان المتمردين من المأوى ، ونهب بلداتهم باكملها وقتل الآلاف من المزارع وحرقهم وقتل الماشية .

وبالرغم من ان هذه الطريقة لاقت الكثير من المهاجمة والجدال الى ان ذلك كان من شأنه ان يدفع البوير الى الاستسلام من اجل جمع شملهم من جديد مع اسرهم .

 

السلام في نهاية المطاف :
في الواقع ان تكتيكات الذراع القوية من البريطانيين ضد البوير ادت الغرض في نهاية المطاف ، وبالفعل شعر ميليشيات بوير بالضجر من القتال مما ادي الى انهيار الروح المعنوية ، وهنا جاء دور البريطانيون في عرض شروط السلام في شهر مارس من عام 1902 ، وبحلول شهر مايو من ذلك العام، قبلت قادة بوير اخيرا شروط السلام ووقعت معاهدة فيرنيجنج في 31 مايو  1902 .

 

والمعاهدة انتهت رسميا باستقلال كل من جمهورية جنوب افريقيا ودولة اورانج الحرة ووضع المنطقتين تحت ادارة الجيش البريطاني ، وانتهت حرب البوير الثانية وبعد ثماني سنوات، في عام 1910، كانت جنوب افريقيا موحدة تحت السيادة البريطانية، واصبح اتحاد جنوب افريقيا .

مواضيع مميزة :
loading