اصبح جيرالد فورد (المعروف ايضا باسم: جيرالد رودولف فورد) الرئيس رقم 38 للولايات المتحدة وذلك من عام1974 الى عام1977 ، فخلال فترة من الاضطراب في البيت الابيض وعدم ثقة في الحكومة، كان فورد يشغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة عندما استقال الرئيس نيكسون من منصبه، وكان وضع فورد فريد من نوعه كونه اول نائب رئيس يصبح رئيس بدون انتخاب، وعلى الرغم من عدم ثقة الشعب فى البيت الابيض، استطاع فورد استعادة ثقة الامريكيين في الحكومة من خلال قيم الصدق ، والعمل الجاد والعبقرية ، ومع ذلك عمل عفو فورد المثير للجدل للرئيس نيكسون على التأثير في الراي العام الامريكي لعدم انتخاب فورد لولاية ثانية .
بداية غير عادية :
ولد جيرالد فورد ليزلي لينش كينغ الابن، في اوماها، نبراسكا، يوم 14 يوليو 1913، وبعد اسبوعين من ولادته انتقلت دوروثي مع طفلها الرضيع للعيش مع والديها في غراند رابيدز، ميشيغان، بعد اساءة زوجها اليها عدة مرات هى وطفلها الرضيع خلال زواجهما القصير، فتطلق الزوجان وتزوجت دوروثى مرة اخرى من جيرالد رودولف فورد الذى اعطى اسمه لابنها وقام بتربيته كابن له .
سنوات المدرسة :
درس جيرالد فورد فى مدرسة ثانوية جنوبية و كان طالبا جيدا وكان ايضا رياضي موهوب، وحصل فورد على منحة دراسية في جامعة ميشيغان 1935 ،ثم التحق بكلية الحقوق فى جامعة يال، وفي يناير 1941، عاد فورد الى جراند رابيدز و قام بفتح شركة محاماة مع صديق الكلية فيل بوكين .
الحب والحرب والسياسة :
وقبل ان يمضى فورد سنة كاملة في ممارسة المحاماة ، دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، وجُند فورد مع البحرية الامريكية في ابريل 1942، فرأى فورد العديد من المعارك في جنوب المحيط الهادئ ونجا منها وعاد فورد ا إلى جراند رابيدز حيث مارس المحاماة مرة اخرى مع صديقه القديم فيل بوكن، واصبح لديهم شركة اكبر مما سبق ، كما حول جيرالد فورد اهتمامه بالشؤون المدنية والسياسية في العام التالي، وقال انه قرر الترشح لمقعد في الكونجرس الامريكي في ميشيغان، ولكن فورد استراتيجيا ابقى ترشيحه هادئ حتى يونيو من عام 1948، مما ضمن له الفوز، وبعد ذلك تزوج فورد من اليزابيث وارن المشهورة باسم "بيتى" منسقة ملابس ومصممة رقص و قد انجبوا اربعة ابناء .
فورد كعضو الكونجرس :
وبعد عمله الدؤوب كعضو في الكونجرس تم تعيينه رئيس مجلس الحزب الجمهورى ، ثم تم تعيينه من ضمن اللجنة التى حققت فى اغتيال الرئيس كينيدى فى 22 نوفمبر 1963 .
الاوقات العصيبة في واشنطن :
بحلول نهاية السيتينات، كان الاميركيون غير راضين عن حكومتهم بسبب قضايا الحقوق المدنية وحرب فيتنام التى كرهها الامريكيون، و بعد ثماني سنوات من القيادة الديمقراطية امل الاميركيون فى التغيير عن طريق الحزب الجمهوري، فانتخبوا ريتشارد نيكسون، إلى الرئاسة في وقت لاحق من عام 1968 وبعد خمس سنوات انهارت هذه الحكومة، وكان وقتها نائب الرئيس نيكسون سبيرو اغنيو والذي استقال في 10 اكتوبر 1973، وذلك في ظل اتهامات قبول رشاوى وتهرب من دفع الضرائب ، فرشح بعده الرئيس نيكسون جيرالد فورد وذلك لانه يثق به ، فقبل فورد واصبح نائب الرئيس لاول مرة بدون انتخاب فى 6 ديسمبر 1973، وبعد ثمانية اشهر، في اعقاب فضيحة ووترجيت، اضطر الرئيس ريتشارد نيكسون الى الاستقالة ، واصبح جيرالد فورد الرئيس رقم 38 للولايات المتحدة في 9 اغسطس 1974 خلال هذا الوقت الصعب .
اول ايام فورد كرئيس :
عندما تولى جيرالد فورد منصب الرئيس، واجه الكثير ليس فقط اضطرابات في البيت الابيض بل واجه ايضا الثقة المتآكلة من الامريكيين في حكومته، و ايضا الاقتصاد الامريكي المتعثر ، فكان كثير من الناس عاطلين عن العمل وكانت امدادات النفط محدودة، وكانت الاسعار عالية للغاية في معظم الضروريات مثل الغذاء والكساء والإسكان، وواجه ايضا رد فعل عنيف لإنهاء حرب فيتنام ، وعلى الرغم من كل هذه التحديات، كانت الموافقة على فورد كبيرة وذلك لانه كان بديل منعش للإدارة الاخيرة .
وقام فورد بتعزيز هذه الصورة من خلال عدد من التغييرات الصغيرة، مثل التنقل لعدة ايام على توليه الرئاسة فى تقسيم الضواحي في حين كان يجري استكمال التحولات في البيت الابيض وعدد من سياسات الباب المفتوح مع مسؤولين بارزين بالكونجرس ، واختار دعوة البيت الابيض "مكان الإقامة" بدلا من القصر الرئاسي ، وهذا اعطى رأي إيجابي عن الرئيس فورد لكن لم يدم هذا طويلا .
فبعد شهر في 8 سبتمبر 1974، منح فورد الرئيس السابق ريتشارد نيكسون عفوا كاملا عن جميع الجرائم التي ارتكبها نيكسون خلال الفترة التي قضاها رئيسا للبلاد، هذا العفو اغضب كثير من الاميركيين، ولكن وقف فورد بحزم وراء قراره لانه اعتقد انه ببساطة يفعل الشيء الصحيح، اراد فورد من قراره هذا تجاوز الجدل والمضي قدما في حكم البلاد وكان يعتقد انه سيكون من الصعب القيام بذلك إذا كان البلد بقيت غارقة في فضيحة ووترجيت، وبعد سنوات، اعتبر عمل فورد دليل على الحكمة ونكران الذات من قبل المؤرخين، ولكن في الوقت الذي واجه معارضة كبيرة وكان يعتبر انتحارا سياسيا .
فورد والرئاسة :
في عام 1974، اصبح فورد اول رئيس الولايات المتحدة الذى يقوم بزيارة اليابان، كما قام برحلات ودية للصين ودول اوروبية اخرى، واعلن فورد النهاية الرسمية لتورط اميركا في حرب فيتنام عندما رفض ان يرسل الجيش الاميركي مرة اخرى إلى فيتنام في عام 1975، وكخطوة نهائية في الحرب، امر فورد إخلاء ما تبقى من مواطني الولايات المتحدة ، وإنهاء الوجود الاميركي الموسع في فيتنام .
وبعد ثلاثة اشهر، في يوليو 1975، حضر فورد في مؤتمر الامن والتعاون في اوروبا في هلسنكي، فنلندا، والتحقت 35 دولة في معالجة حقوق الإنسان ونشر توترات الحرب الباردة، وعلى الرغم من وجود المعارضين في امريكا، وقع فورد اتفاقات هلسنكي، وهو اتفاق سياسي غير ملزم لتحسين العلاقات بين الدول الشيوعية والغرب، وفي عام 1976، استضاف الرئيس فورد عددا من الزعماء الاجانب للاحتفال بالذكرى المئوية الثانية للولايات المتحدة .
مطاردة فورد :
في سبتمبر عام 1975، وفي غضون ثلاثة اسابيع ، قامت امرأتان مختلفتان بمحاولتين لاغتيال جيرالد فورد ، ولكن احبطت المحاولتان وحكم على السيدتان بالسجن مدى الحياه لاغتيال الرئيس .
خسارة الانتخابات :
خلال الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية، كان فورد ايضا في معركة مع حزبه لترشيح المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية نوفمبر تشرين الثاني ، وفي حدث نادر قرر رونالد ريجان ان يتحدى رئيس حالي للفوز بترشيح الحزب، وفي النهاية، فاز فورد بفارق ضئيل في الترشيح لخوض الانتخابات ضد الحاكم الديمقراطي من جورجيا، جيمي كارتر .
وقام فورد، الذي كان يعتبر رئيسا "عرضي"، بزلة كبيرة خلال مناظرة مع كارتر خلال الإعلان عن انه لا يوجد هيمنة السوفيتية في شرق اوروبا وهذا عزز فقط انه كان خطيبا اخرق ، وعلى الرغم من ذلك كان واحدا من اقرب السباقات الرئاسية في التاريخ، لان في النهاية لم يتمكن فورد التغلب على صلته بإدارة نيكسون وكانت اميركا مستعدة للتغيير وانتخاب جيمي كارتر، الوافد الجديد إلى العاصمة للرئاسة .
سنوات لاحقة من حياه فورد :
خلال رئاسة جيرالد فورد، عاد اكثر من اربعة ملايين الاميركيين إلى العمل، وحدث انخفاض التضخم، وكانت الشؤون الخارجية متقدمة بسبب لياقة فورد، وصدقه، والصراحة والنزاهة اللذان كانوا هم السمة المميزة لرئاسته الغير تقليدية، لدرجة ان كارتر كان يشاور فورد حول قضايا الشئون الخارجية طيلة فترة ولايته، فبقي فورد وكارتر اصدقاء مدى الحياة .
وبعد سنوات قليلة، في عام 1980، طلب رونالد ريجان من جيرالد فورد ان يكون مرشحا امامه في الانتخابات الرئاسية، لكنه رفض العرض ليعود الى واشنطن هو وبيتي كانوا يتمتعون بتقاعدهم كثيرا ، ومع ذلك، فظل فورد نشط في العملية السياسية، وكان محاضرا متكرر حول هذا الموضوع .
كما قدم فورد خبرته في عالم الشركات من خلال المشاركة في عدد من المجالس، واسس المنتدى العالمي للمشروعات الامريكية في عام 1982، الذي جمع زعماء العالم السابقين والحاليين، فضلا عن كبار رجال الاعمال، جنبا إلى جنب في كل عام لمناقشة السياسات التي تؤثر على القضايا السياسية والتجارية، وكان هذا الحدث لسنوات عديدة في ولاية كولورادو، كما انجز فورد كتابة مذكراته، واسماها " حان الوقت للشفاء: السيرة الذاتية لجيرالد فورد" ، في عام 1979، وقال انه نشر الكتاب الثاني له ، الذي اسماه " الفكاهة والرئاسة " ، في عام 1987 .
الاوسمة والجوائز :
فتُحت المكتبة الرئاسية جيرالد فورد في آن اربور، ميشيغان، في حرم جامعة ميشيغان في عام 1981، وفي وقت لاحق من العام نفسه، بنى متحف جيرالد فورد الرئاسي في مسقط رأسه في غراند رابيدز ، منح فورد وسام رئيس الحرية في اغسطس 1999 ، وميدالية الكونجرس الذهبية للتراث لخدمته العامة وقيادة البلاد بعد فضيحة ووترجيت في عام 2001، حصل على لمحات من جائزة الشجاعة من قبل مؤسسة جون كينيدي ، والشرف الذي اسبغ الافراد الذين يتصرفون وفقا لضمائرهم في السعي لتحقيق الصالح العام، حتى في معارضة الرأي السائد والمخاطرة بحياتهم المهنية .
وفي 26 ديسمبر 2006، توفي جيرالد فورد في منزله في رانشو ميراج بولاية كاليفورنيا، عن عمر يناهز 93 عاما، ودفن جسده فى المتحف الرئاسي جيرالد فورد في غراند رابيدز، ميشيغان .
