يرجى تدوير جهازك إلى الوضع الرأسي
nav icon

صاروخ البرق: تقنية لتحفيز السحب الرعدية على إطلاق صواعقها بواسطة الصواريخ

لطالما بقيت الصواعق الرعدية لغزا أثار فضول البشر فيما مضى لدراسته وبحث أسراره بل وتطويعه في بعض الأحيان, ونظرا لما يحيط هذه الظاهرة الطبيعية من غموض وتشويق, قررنا أن نتناول هذه الظاهرة في عدد من المواضيع التي ستنشرها المجلة في الفترة القادمة والتي نعدكم أن تكون شيقة للغاية حيث أن هناك الكثير من الروائع والغرائب التي تلف هذه الشحنات الكهربائية العملاقة.. لدراسة السحب الرعدية المثقلة بالشحنات الكهربائية, أستخدم العلماء عدة طرق وأساليب غير إعتيادية لدراسة هذه الظاهرة القاتلة والشديدة القوة, سنتحدث اليوم عن ما يطلق عليه إسم “صاروخ البرق Lightning rocket”. وهي تقنية لدراسة الصواعق تعتمد هذه على إستخدام صواريخ مصغرة مربوطة مع الأرض بواسطة أسلاك موصلة للكهرباء لتحفيز السحب الرعدية على إفراغ ما لديها من طاقة. شاهد الصورة الرائعة التالية لأحد الصواعق التي تم تحفيزها بواسطة صاروخ البرق لتضرب قاعدة البحث ليس مرة واحدة بل مرتين!.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يدرس العلماء الصواعق؟ ولماذا تصرف الدول الأموال الطائلة لدراستها؟

يدرس البرق للكثير من الأسباب من أهمها:

تخفيف عدد الإصابات والقتلى سنويا, حيث يقتل سنويا بسبب الصواعق ما يقارب نفس عدد القتلى الذين تحصدهم الأعاصير بالإضافة إلى ما يزيد عن 500 جريح سنويا في الولايات المتحدة لوحدها.
حصد طاقة الرعد للإستفادة منها في حياتنا, حيث تنتج الصاعقة الواحدة طاقة تقدر بـ 5 ملايين جول (نفس الطاقة التي ينتجها 145 لتر من البنزين).
تطويع إستخدام الصواعق كأسلحة حربية.
تجنب الآثار الجانبية المدمرة للرعد على الصواريخ الحربية والصواريخ التابعة للأبحاث الفضائية والصواريخ التي تحمل الأقمار الصناعية والرواد. حيث تسببت الشحنات الكهربائية في السحب في عطل كاد أن يودي برواد رحلة أبوللو 12 بالإضافة تسببت الصواعق في عام 1987 بتدمير صاروخ “Atlas-Centaur” حيث كانت تكلفة الصاروخ 78 مليون دولار والذي كان يحمل قمر إتصالات عسكري تقدر بـ 83 مليون دولار وهو صاروخ أفسدت الصواعق الرعدية نظام الملاحة والإتصالات من ما أفقد القيادة التحكم في الصاروخ بعد 50 ثانية من إطلاقه من قاعدته, هذا ما دعى الضابط المسؤول لإصدار أوامره لتدمير الصاروخ على الفور في الهواء خشية سقوطة في الأماكن المأهولة لتخفيف الأضرار.
الصورة التالية لصاروخ ”Atlas-Centaur”.

بعد أن تعرفنا بإختصار على الأسباب التي من أجلها تدرس الصواعق نعود مرة أخرى إلى موضوعنا اليوم “صاروخ البرق” وهو جهاز يعمل لتحفيز الصواعق المحملة بالشحنات الكهربائية على تفريغ شحناتها في المكان والزمان المحددين من قبل الباحثين. وطريقة عمله بإختصار هي أن صاروخ البرق يملك شحنه موجبة على قمته وبعد أن يتم إطلاقه إلى مركز السحب الرعدية المشحونة بالشحنات السالبة “والتي يمكن إكتشاقها بالمناسبة بواسطة معدات خاصة” من ما يحفزها على تفريغ شحناتها عبر الصاروخ الموصول بالأرض بسلك طويل كما تشاهد في الرسم التوضيحي التالي.

يكون الصاروخ المستخدم عادة صاروخا بسيطا ذو مرحلة واحدة قريبا من تركيب الصواريخ المستخدمة مع الألعاب النارية مع فرق في أنه ذو مسار مستقيم وله قدرة على حمل السلك المسؤول عن إيصال شحنة الصاعقة إلى الأرض حيث يتم قياسها وإجراء الدراسات المختلفة عليها على الأرض. الصور التالية تظهر أشكال بعض الصواريخ المستخدمة.

الصورة التالية لباحثين يقومون بإعداد بعض الصواريخ.

الصور الرائعة التالية للصواعق المحفزة صناعيا بواسطة صاروخ البرق.


مقاطع الفيديو التالية لبعض الصواعق الصناعية التي تم تحفيزها بواسطة الصاروخ.

إيكم بعض الحقائق التي تعلمناها من هذه التجارب:

الصواعق لا تضرب الأرض مباشرة بل تمر بعدة مراحل.
تم رسم مسارات ثلاثية الأبعاد لأشكال الصواعق وتركيبتها.
تم قياس مقدار الطاقة التي تحتويها الصواعق وآلات تشكلها في السحب الرعدية.
تم تطوير أنظمة فعالة لحماية الأبنية العالية الأكثر عرضة للصواعق.
إبطال الكثير من الإشاعات عن طريقة عمل الصواعق, مثلا أن الإطارات المطاطية تحمي السيارات من ضربات الصواعق وأن الصواعق لا تضرب بالضرورة الأماكن العالية كما تشاهد في المقطعين التاليين.
صاعقة تضرب سيارة

صاعقة تضرب في وسط البحر.

وهناك الكثير الكثير من النتائج والمعلومات التي نتجت من دراسة البرق بهذه الطريقة المبتكرة التي أبتكرها العالم “روبيرت بيت Robert E. Betts”.. في ختام موضوع اليوم أحب أن أشير أن “بينجامين فرانكلين Benjamin Franklin” أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وأحد الشخصيات التاريخية الشهيرة في حركة التنوير الفلسفية كان قد أجرى تجربة مشابهة في عام 1752 حيث قام بإطلاق طائرة ورقية مثبتا أن الصواعق ليست إلا شحنات كهربائية في تجربة شهيرة في الأوساط العلمية.

مواضيع مميزة :
loading