أسباب الحرب العالمية الاولى معقدة وقد ادت نتائجها الى الحرب العالمية الثانية، و كان الطرف المذنب فى الحرب العالمية الاولى واضحا للجميع، وقد اتهمت المانيا بانها غزت بلجيكا فى اغسطس عام 1914 عندما وعدت بريطانيا بحماية بلجيكا ، ومع ذلك، فإن الاحتفالات في الشوارع التي رافقت إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب العالمية الاولى يعطي المؤرخين انطباعا بأن هذه الخطوة كانت خطوة شعبية حيث كان السياسيين يميلون إلى ارضاء الشعب.
وبحلول عام 1914، قسمت أوروبا إلى معسكرين :
* التحالف الثلاثي بين ألمانيا وإيطاليا والنمسا والمجر.
* الوفاق الثلاثي بين بريطانيا وفرنسا وروسيا.
كان التحالف بين ألمانيا والنمسا فى الحرب العالمية الاولى امرا طبيعيا، كلاهما يتحدث نفس اللغة "الألمانية " ولهم نفس الثقافة و في القرون السابقة كانوا جزءا من الإمبراطورية نفسها "الإمبراطورية الرومانية المقدسة".
وكانت النمسا في مأزق سياسي في جنوب شرقي أوروبا "البلقان" و كانت في حاجة إلى ألمانيا من أجل دعمها إذا زادت المشكلة لذلك انضمت الى الحرب العالمية الاولى، وقد انضمت إيطاليا إلى هذه البلدان فى الحرب العالمية الاولى لأنها كانت تخشى على حدودها الشمالية، حيث كانت ألمانيا البلد الأقوى في قارة أوروبا لذلك من وجهة نظر إيطاليا، كونها حليفا لألمانيا كانت خطوة جيدة، وقبل الحرب العالمية الاولى وعد كل عضو في التحالف الثلاثي (ألمانيا والنمسا وإيطاليا) بمساعدة الآخرين إذا هاجمهم بلد آخر.
وكان الوفاق الثلاثي قبل الحرب العالمية الاولى أقل تنظيما من التحالف الثلاثي، كلمة "الوفاق" تعني التفاهم وأفراد الوفاق (بريطانيا وفرنسا وروسيا) لم يكن لديهم وعد لمساعدة بعضهم اذا تعرض احدهم لهجوم من قبل بلدان أخرى ولكن التفاهم يعنى ان كل عضو يدعم الاخر.
وكانت فرنسا تشك فى المانيا قبل الحرب العالمية الاولى ، فقد كان لديها جيش ضخم ولكن البحرية كانت فقيرة ،و كانت بريطانيا تمتلك أقوى سلاح بحرية في العالم و لكن كان جيشها صغير.
وقبل بدء الحرب العالمية الاولى كانت بريطانيا تشعر بالقلق نحو المانيا لانها كانت تقوم ببناء سلاح جديد وقوى ، و كانت العائلة المالكة الروسية ورومانوف ذات صلة بالأسرة المالكة البريطانية ، و كان لدى روسيا أيضا جيش ضخم ، ومع وجود فرنسا في غرب أوروبا وروسيا في الشرق، كانت هذه رسالة الواضحة الى المانيا أنها تواجه جيشان كبيران على جانبي حدودها، ولذلك لم يكن من الجيد بالنسبة لالمانيا إثارة المتاعب في أوروبا وبدء الحرب العالمية الاولى.
وقد ساعدت بعض المشاكل أيضا على إثارة الشكوك في جميع أنحاء أوروبا لاحتمال قيام الحرب العالمية الاولى ، مثل خوف ألمانيا من الإمبراطورية البريطانية الضخمة.
وبحلول عام 1900، كانت تملك بريطانيا ربع العالم ، بلدان مثل كندا والهند وجنوب أفريقيا ومصر واستراليا ونيوزيلندا إما كانت مملوكة من قبل بريطانيا أو ما زالت متأثرة بشدة بالإمبراطورية البريطانية، وكانت الملكة فيكتوريا تتوج الإمبراطورة في الهند، وقد تم جمع مبالغ ضخمة من هذه المستعمرات، وكان لبريطانيا وجود عسكري قوي في جميع أنحاء العالم، كان ينظر إلى الإمبراطورية على أنها رمز لبلد كان الأقوى في العالم، ومن هنا جاء لقب "بريطانيا العظمى".
ومهد لاندلاع الحرب العالمية الاولى ان المانيا كانت تعتقد أن دليل القوة العظمى هو امتلاك مستعمرات في الخارج، وقد امتلك بريطانيا بالفعل افضل المستعمرات، ولكن ألمانيا كانت عازمة على كسب أكبر قدر ممكن من الأراضي الاستعمارية وهذا ما تسبب فى النهاية فى الحرب العالمية الاولى.
وكان هدفها الرئيسي أفريقيا، استعمرت أراضي في الجنوب الأفريقي (الآن ناميبيا) التي لا يوجد دولة تريدها فقد كانت صحرا عديمة الفائدة لكن تسبب ذلك في غضب كبير في لندن حيث كانت الأراضي الجديدة لألمانيا تقع بالقرب من جنوب أفريقيا حيث يوجد احتياطياتها ضخمة من الماس والذهب ، و لم تكن المستعمرات الأفريقية في ألمانيا ذات أهمية اقتصادية، لكنها أتاحت لها الفرصة لتظهر للشعب الألماني أنها تتمتع بمركز القوى العظمى حتى لو جعل ذلك العلاقات مع بريطانيا أكثر هشاشة وقد ادى ذلك الى بداية التوتر الذى ادي فى النهاية الى الحرب العالمية الاولى.
ومن الاسباب التى مهدت لقيام الحرب العالمية الاولى كثرة الاحتكاك بين بريطانيا وألمانيا و رغبة ألمانيا في زيادة حجم قواتها البحرية، وقد قبلت بريطانيا أن ألمانيا، كدولة برية كبيرة، تحتاج إلى جيش كبير، لكن ألمانيا كان لديها خط ساحلي صغير جدا، ولم تستطع بريطانيا أن تقبل بأن ألمانيا تحتاج إلى سلاح بحري كبير.
وانتهت بريطانيا إلى أن رغبة ألمانيا في زيادة حجم سلاحها البحري كان لتهديد البحرية البريطانية في بحر الشمال، ورأت الحكومة البريطانية أنها لا يمكن أن تقبل بأي تحديات من ألمانيا ومهد ذلك لقيام الحرب العالمية الاولى ، ونتيجة لذلك، حدث سباق البحرية ، وقد أنفقت الدولتان مبالغ كبيرة من المال لبناء سفن حربية جديدة، وارتفعت التكلفة عندما أطلقت بريطانيا نوعا جديدا لسفينة حربية "المدرعة البحرية" ، وقامت ألمانيا على الفور ببناء ما يعادلها، وبالتالى ادى ذلك الى زيادة التوتر بين البلدين و هو ما مهد ايضا لقيام الحرب العالمية الاولى.
ومع وجود الانقسام فى أوروبا، فاكنت جميع المؤشرات تشير الى قرب وقوع كارثة وبالفعل وقعت الكارثة (الحرب العالمية الاولى) في سراييفو في تموز /يوليه 1914.
